أخبار العملات الرقميةمقالات قد تهمك

خطأ التصنيف القانوني: لماذا تفشل “رموز المنفعة” في اجتياز اختبار الأوراق المالية؟

شهد قطاع الأصول الرقمية نمواً هائلاً، مصحوباً بتحديات تنظيمية عميقة، لا سيما في مسألة تصنيف الرموز المميزة (Tokens) كـ أوراق مالية في النظام القانوني الأمريكي. لطالما تبنت الصناعة فرضية أن الرمز الذي يقدم “منفعة وظيفية” (Utility) – كالوصول إلى خدمات أو شبكات – يجعله خارج نطاق قوانين الأوراق المالية الفيدرالية. تهدف هذه المقالة إلى تحليل مدى صمود هذه الفرضية أمام التطبيق الصارم لـ “اختبار هاوي” (Howey Test)، الذي يشكل المعيار القانوني لتحديد “عقد الاستثمار”.

المنفعة ليست ملاذاً آمناً (Utility is not a Safe Harbor)

يُعد المفهوم القائل بأن القيمة الوظيفية للرمز كافية لاستثنائه من التصنيف كأوراق مالية هو المفهوم الخاطئ الأبرز. تؤكد السوابق القضائية، ودعاوى هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) ضد رموز منفعة، أن وجود المنفعة هو عامل ذو صلة ولكنه ليس عاملاً فاصلاً (Dispositive).

يركز اختبار هاوي على أربعة أركان لتحديد عقد الاستثمار:

  1. استثمار المال (Investment of Money).

  2. توقع معقول للربح (Expectation of Profits).

  3. من مشروع مشترك (From a Common Enterprise).

  4. يتم تحقيقه من خلال جهود الآخرين (Solely from the Efforts of Others).

إن التحليل القانوني لا يركز على الرمز كأصل رقمي، بل على الواقع الاقتصادي المحيط بعملية البيع. فإذا أوحت ظروف التوزيع للمشتري بأنه يكتسب الأصل بتوقع زيادة قيمته الناتجة عن جهود فريق مركزي، يتم استيفاء ركن “جهود الآخرين” بغض النظر عن المنفعة المدمجة في الرمز.

تأثير التوقيت والجهود الإدارية

أحد العوامل الأكثر تأثيراً في الحكم القانوني هو توقيت بيع الرمز بالنسبة لتطور الشبكة.

  • البيع الأولي (ICOs/Presales): إذا تم بيع الرموز قبل أن تصبح الشبكة عاملة أو قبل تفعيل الميزات الرئيسية، فإن المحاكم تفسر ذلك على أنه اعتماد واضح من قِبل المشترين على العمل المستقبلي للمُصدِر لإنشاء القيمة. هذا الاعتماد هو السمة المميزة لعقد الاستثمار.

  • السيطرة الإدارية: تنظر المحاكم بشكل دقيق فيما إذا كان نمو النظام البيئي يعتمد على الجهود الإدارية المستمرة للفريق المؤسس (مثل الترقيات، الشراكات، أو آليات الاستقرار). إذا كان الأمر كذلك، فإن ركن “جهود الآخرين” يتحقق.

تعقيد الحوكمة اللامركزية (The Complexity of Decentralization)

تمثل رموز الحوكمة (Governance Tokens) حالة خاصة؛ حيث تفترض أن الحامِلين يشاركون في توجيه المشروع، مما يقلل من الاعتماد على كيان مركزي. ومع ذلك، لا تعتبر الهيئات التنظيمية هذه المشاركة ملاذاً آمناً. بل يتم فحصها وفقاً للمعايير التالية:

  • مدى جدية الحوكمة: هل يسيطر الحامِلون فعلياً على القرارات الأساسية، أم أن الحوكمة شكلية؟

  • الرسائل التسويقية: هل ركز التسويق على إمكانية الربح بدلاً من المشاركة المجتمعية؟

يُستخدم في هذا الصدد ما يسمى بـ “اختبار البهاما” (The Bahamas Test): إذا اختفى الفريق المؤسس غداً، فهل سيستمر المشروع في العمل وهل سيحتفظ الرمز بقيمته؟ الإجابة السلبية تدعم بشدة وجود الاعتماد على جهود الآخرين.

الاستنتاج

تؤكد السوابق القضائية المعاصرة حقيقة مفادها أن المنفعة التقنية ليست حصانة قانونية. يمكن أن يكون الرمز مصمماً لغرض وظيفي جوهري، ولكنه يُباع بطريقة تخلق توقعاً استثمارياً. ما يهم المحاكم هو السياق الاقتصادي الكامل للصفقة، وكيف يتصرف المُصدِر، ودرجة اعتماد المستثمر على الجهود الإدارية المركزية لتحقيق الأرباح.

لذلك، يجب على مطوري ومُصدري الأصول الرقمية في عام 2025 أن يدركوا أن التحليل القانوني لا يزال يرتكز على الواقع الاقتصادي الذي يفوق الوظيفة التقنية للرمز.

[adsforwp id="60211"]
[adsforwp id="60211"]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى