هل ستنجح المملكة المتحدة في مضاهاة الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا؟
تقوم المملكة المتحدة (التي يُنظر إليها غالبا على أنها القوة المالية لأوروبا) برحلة طموحة لتضييق الفجوة الاقتصادية مع ألمانيا.
حيث من المقرر أن تحافظ المملكة المتحدة على مكانتها، باعتبارها سادس أكبر اقتصاد في العالم، مما قد يقلل من التفاوت مع ألمانيا.
لكن هل هذا الهدف قابل للتحقيق، أم هو مجرد حلم في السماء؟
اقرأ أيضاً: ألمانيا: نائبة في البرلمان تقترح بيتكوين كعملة قانونية.. مع التركيز على الخصوصية
النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة والتوقعات المستقبلية
من المتوقع أن ينمو الاقتصاد البريطاني، الذي يتصارع مع تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مع سلسلة من الصدمات الاقتصادية، ومن ضمنها الوباء وارتفاع التضخم، بنسبة تتراوح بين 1.6٪ و 1.8٪ حتى عام 2038.
حيث أن توقع النمو هذا، سيضع المملكة المتحدة في وضع مناسب ضد الدول الأوروبية الكبرى، مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.
كما من المتوقع أن تكون نقاط القوة الفريدة، التي تتمتع بها البلاد في مجال الخدمات المالية والاستشارية، وخاصة مكانة لندن الدائمة كمركز مالي عالمي، هي المحرك الرئيسي لهذا النمو.
لكن هذه النظرة المتفائلة، تأتي في ظل خلفية من التحديات، حيث كافحت المملكة المتحدة نمو الإنتاجية الهزيل، وقضايا عرض العمالة منذ الأزمة المالية، الأمر الذي دفع بنك إنجلترا، إلى تبني موقف أكثر حذراً بخصوص آفاق النمو في المستقبل.
إضافة إلى تعرض الاقتصاد البريطاني أيضاً لضغوط، بسبب ارتفاع معدلات الرهن العقاري، وتراجع البرامج الحكومية، مثل برنامج المساعدة على الشراء.
الديناميكيات التنافسية وتحديات سوق الإسكان
تشير التصنيفات الاقتصادية العالمية طويلة المدى، التي يصدرها مركز CEBR، إلى أنه على الرغم أن المملكة المتحدة قد تتفوق على نظيراتها الأوروبية، إلا أنها قد لا تنمو بسرعة مثل الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن التوقعات ليست كلها قاتمة، حيث من المتوقع أن تعمل الأساسيات القوية في المملكة المتحدة، وخاصة في قطاع الخدمات، على تعزيز أدائها الاقتصادي.
من ناحية أخرى، فإن سوق الإسكان البريطاني يروي قصة مختلفة، حيث أدت معدلات الرهن العقاري المرتفعة، إلى انخفاض عدد مشتري المنازل لأول مرة، وأصبح الكثير منهم يعتمدون بشكل متزايد على المساعدة المالية من الأسرة.
ويدل هذا الاعتماد على قضية اجتماعية واقتصادية أعمق، حيث أصبحت ملكية المنازل أقل قابلية للتحقيق، وخاصة بالنسبة للأجيال الشابة، وأولئك الذين ليس لديهم دعم مالي عائلي.
بدوره تعهد حزب العمال، الذي يتصدر حاليا استطلاعات الرأي، بتعزيز بناء المنازل وتنفيذ خطط جديدة لمساعدة المشترين لأول مرة.
الأمر الذي يعكس التركيز السياسي على التحديات الاقتصادية الأوسع نطاقاً، التي تواجهها المملكة المتحدة في سعيها إلى مضاهاة، أو حتى تجاوز الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا.
اقرأ أيضاً: توافق بين ألمانيا وفرنسا وإيطاليا على تنظيم مستقبل الذكاء الاصطناعي
طريق مليء بالإمكانات والمطبات
على الرغم من تقدم المملكة المتحدة إلى الأمام، إلا أن الطريق إلى مضاهاة الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا، هو محفوف بالإمكانات والمطبات في نفس الوقت.
حيث أن قوة قطاع الخدمات البريطاني، إلى جانب السياسات الاقتصادية الاستراتيجية، من الممكن أن يدفعها إلى الاقتراب من المكانة الاقتصادية لألمانيا.
إلا أن الرحلة معقدة بسبب التحديات الداخلية، وخاصة في سوق الإسكان، والشكوك الخارجية، ومن ضمنها التحولات الاقتصادية العالمية، والديناميكيات التنافسية المتطورة.
أخيراً، تبقى مسألة ما إذا كانت المملكة المتحدة قادرة على النجاح في مضاهاة الناتج المحلي الإجمالي الألماني مفتوحة، حيث يتطلب الأمر المرونة الاقتصادية، وإيجاد حلول مبتكرة للقضايا الأساسية التي تعيق النمو.
وبينما ترسم المملكة المتحدة مسارها، تبقى أعين العالم مثبتة على هذا المسعى الطموح، في انتظار معرفة ما إذا كان بإمكانها تحويل تطلعاتها إلى واقع حقيقي.