الشرق الأوسط في طليعة الثورة الرقمية: كيف كان تبني المؤسسات للعملات المشفرة والبلوكشين في عام 2025

شهد عام 2025 تسارعاً ملحوظاً في دمج تقنية البلوكشين والأصول المرمزة (Tokenized Assets) في البنية التحتية المالية التقليدية بمنطقة الشرق الأوسط. لم يعد الأمر مقتصراً على الاستكشاف فحسب، بل تحول إلى تطبيق عملي وفعلي مدعوم من البنوك المركزية الكبرى والمؤسسات المالية الرائدة.
تتصدر دول الخليج، ولا سيما الإمارات والسعودية وقطر، المشهد العالمي في استخدام تقنية السجل الموزع (DLT) لتحسين الكفاءة التشغيلية، وخفض التكاليف، وفتح أسواق رأس مال جديدة.
دوافع التبني المؤسسي
تستند استراتيجية المؤسسات المالية في المنطقة لتبني البلوكشين والعملات المشفرة (خاصةً الأصول المرمزة) إلى ثلاثة محاور رئيسية:
1. الكفاءة والسيولة الفورية (Settlement Efficiency)
الدافع الأقوى هو حل مشكلة التسوية المتأخرة في أسواق رأس المال التقليدية (التي تستغرق أياماً).
السندات الرقمية: أثبتت التجربة الحديثة، كما في حالة بنك الدوحة في قطر وإصداره لسند رقمي بقيمة 150 مليون دولار باستخدام منصة Euroclear DLT، أن التسوية في نفس اليوم (T+0) ممكنة بالكامل ضمن الأطر التنظيمية. هذا يحرر رأس المال المقيّد ويقلل من مخاطر الطرف المقابل.
2. البيئة التنظيمية المواتية
تدرك السلطات التنظيمية في المنطقة أهمية ريادة هذا القطاع.
الإمارات (أبوظبي ودبي): قدمت مراكز مثل سوق أبوظبي العالمي (ADGM) وسلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية (VARA) تراخيص عمل واضحة لشركات تبادل وحفظ الأصول الرقمية، مما يوفر بيئة آمنة للمؤسسات التقليدية للتعامل مع هذا النوع من الأصول.
المشاريع التجريبية: تتبنى البنوك المركزية الإقليمية مفهوم العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)، مما يمهد الطريق لإصدارات منظمة من العملات المستقرة.
3. الترميز كبوابة للتمويل التقليدي (Tokenization of Assets)
تستخدم المؤسسات البلوكشين ليس بالضرورة للتعامل مع البيتكوين، بل لترميز الأصول المالية التقليدية، مما يزيد من سيولتها ويسمح بتجزئة الاستثمار فيها.
يشمل ذلك صناديق سوق المال والأسهم الخاصة والعقارات، مما يجعلها متاحة لقاعدة أوسع من المستثمرين المؤسسيين والأفراد على حد سواء.
أمثلة رائدة في المنطقة (2025)
| المؤسسة / الدولة | نوع التبني والتركيز | الأهمية الإقليمية |
| بنك الدوحة (قطر) | إصدار سندات رقمية مُرمزة على DLT (بمبلغ 150 مليون دولار). | دليل على الجدوى التشغيلية للتسوية الفورية (T+0) في أسواق رأس المال الخليجية. |
| بنك ستاندرد تشارترد (إقليمياً) | لعب دور المنسق في صفقات السندات الرقمية. | يؤكد على اهتمام البنوك الدولية الكبرى المتمركزة في الخليج بالانتقال إلى الإصدارات الرقمية. |
| الجهات التنظيمية (الإمارات) | إصدار تراخيص تشغيلية واسعة لتبادل العملات المشفرة. | يوفر اليقين القانوني الذي تحتاجه المؤسسات التقليدية للانخراط في الأصول الرقمية. |
| البنوك المركزية الإقليمية | التركيز على العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs). | بناء أساس نقدي رقمي رسمي، مما يدعم استقرار الابتكارات المالية الأخرى. |
الآفاق المستقبلية (نهاية 2025 وما بعدها)
تشير الاتجاهات الحالية إلى أن دمج البلوكشين في المنطقة سيتجاوز مجرد السندات والتسوية. من المتوقع أن تشهد المنطقة ما يلي:
نمو أصول التمويل اللامركزي المؤسسية (DeFi): مع نضوج شبكات الإيثيريوم والمنصات المماثلة، قد تبدأ المؤسسات في استخدام بروتوكولات الإقراض والاقتراض اللامركزية عبر تطبيقات “Permissioned DeFi” للاستفادة من العائدات.
صناديق ETF للعملات المشفرة: بعد النجاح العالمي لصناديق البيتكوين والإيثيريوم ETF، من المحتمل أن تبدأ البورصات الإقليمية في طرح منتجات استثمارية مماثلة تتيح التعرض للعملات المشفرة الرئيسية بشكل مُنظم.
في الختام، لم يعد الشرق الأوسط يتحدث عن “إمكانات” البلوكشين، بل يعيش مرحلة “التطبيق العملي”. هذا التبني الاستراتيجي يضع المنطقة في موقع قوي لتكون مركزاً عالمياً للتمويل الرقمي في العقد القادم.



