تحليل مفصّل لوضع البيتكوين بعد كسر حاجز الـ 90 ألف دولار

تجد الأسواق المالية نفسها في حالة من التوتر والقلق بعد أن تراجع سعر البيتكوين (BTC) إلى ما دون حاجز 90 ألف دولار لأول مرة منذ أبريل الماضي. هذا الهبوط الحاد يطرح سؤالاً جوهرياً على كل مستثمر: هل نحن بالفعل في مرحلة “إراقة الدماء في الشوارع” التي يبحث عنها المستثمرون الكبار؟ أم أن الإغراء الحالي بشراء القاع ليس سوى فخ؟
هبوط البيتكوين: هل هو تصحيح صحي أم بداية مرحلة جديدة؟
شهدت البيتكوين انخفاضاً قوياً بنسبة 28% تقريباً خلال الأسابيع الستة الماضية. هذا التراجع ليس مجرد تحرك اعتيادي على الرسوم البيانية، بل هو انعكاس لحالة نفسية متوترة وقلقة تسيطر على السوق. للوقوف على حقيقة هذا التراجع، يجب النظر إلى المؤشرات الأساسية:
1. المؤشر النفسي: ارتفاع تركيز الاهتمام الإعلامي
تشير البيانات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى ارتفاع كبير في حجم الحديث عن البيتكوين مقارنة بأي عملة رقمية أخرى. هذا التركيز الهائل يعكس وضع البيتكوين كمؤشر رئيسي لحالة سوق العملات المشفرة بأكمله. عندما تكون الأنظار مسلطة بهذا الشكل، فإن الخوف يكون في ذروته، مما يؤدي إلى ضغط بيع أكبر.
2. تحركات الحيتان: هل يبيع الكبار ليدخلوا لاحقاً؟
خلال الأسبوع الماضي، سجلت المحافظ الكبيرة، التي تضم ما بين 10 إلى 10,000 بيتكوين (التي تُعرف بـ “الحيتان”)، عمليات بيع واسعة. فقد تخلصت هذه المحافظ من 77,120 بيتكوين، وهو ما يمثل 0.44% من إجمالي العرض. عادةً ما تكون تحركات الحيتان مؤشراً قوياً على تغير الاتجاهات، وقد تشير إلى أنهم يفضلون “تسييل” الأرباح في انتظار مستويات دخول أدنى.
في المقابل، تظهر المحافظ الصغيرة (التي تملك 0.01 بيتكوين أو أقل) تمسكاً قوياً بعملاتها، مما يعكس إيماناً وثقة من صغار المستثمرين في التعافي الوشيك للسوق.
3. التوقعات السعرية: تحول من التفاؤل إلى الواقعية
حدث تحول كبير في المزاج العام للسوق خلال فترة قصيرة. في أكتوبر الماضي، عندما لامست البيتكوين أعلى مستوى لها عند 126 ألف دولار، كانت التوقعات تذهب إلى ما هو أبعد من 130 ألف دولار. أما الآن، ومع التراجع الحالي، فقد أصبحت التوقعات أكثر واقعية، حيث يناقش المتداولون مستويات قد تصل إلى ما بين 40 ألف و 80 ألف دولار. هذا التغير في التوقعات هو سمة طبيعية لدورات السوق الهابطة، حيث يتلاشى التفاؤل ويحل محله الحذر.
هل حان وقت “شراء القاع”؟
المثير للاهتمام هو أن حجم الحديث عن “شراء القاع” وصل إلى أعلى مستوياته منذ مارس الماضي. ولكن هنا يكمن الفخ: تاريخياً، عندما يكون هناك اهتمام كبير جداً بشراء القاع والجميع يتحدث عنه، فإن السوق قد يحتاج إلى مزيد من الوقت للوصول إلى قاع حقيقي ومستدام.
الأسواق لا تتجه إلى الصعود إلا بعد أن تتخلص من أكبر عدد ممكن من المتداولين الذين يراهنون على الارتفاع، وهي بحاجة إلى مزيد من الألم والخوف قبل أن تتمكن من البدء في التعافي بشكل حقيقي ومستدام.
وأخيرا، قد لا تكون الأسواق قد وصلت بعد إلى المرحلة الحقيقية التي تُوصف بـ “إراقة الدماء في الشوارع”، حيث يكون الاستسلام واليأس هما السائدان. لكن المؤشرات الحالية – من بيع الحيتان إلى القلق العام – تشير بقوة إلى أننا نقترب من تلك المرحلة.
بالنسبة للمستثمر أو المتداول، تتطلب هذه الأوقات ثلاثة عناصر أساسية:
التحليل الدقيق: لا تعتمد على العاطفة أو الضجيج.
الصبر: لا تستعجل الدخول للشراء.
الانضباط: كن مستعداً لتحمل المزيد من التقلبات قبل الوصول إلى القاع الفعلي.



