مقالات قد تهمكأخبار العملات الرقمية

لفهم أسرار السوق.. مفاهيم أساسية في قراءة حركة السعر

التحليل الفني يتجاوز مجرد الخطوط والرسوم البيانية؛ إنه أشبه بقراءة للغة السوق الخفية. هذه اللغة تترجم العلاقة المعقدة بين القوة والضعف، بين صبر المؤسسات واندفاع المتداولين الأفراد. إنها تمثل فن فك شفرة “مزاج السوق” وتحليل كيف يفكر المال الذكي، وكيف تُدار السيولة بعيداً عن الأنظار. لفهم السوق حقاً، يجب أن نغوص في أعماق أركانه الأساسية: الاتجاهات، والموجات، والتصحيحات، والمناطق الانتقالية.

أولاً: الاتجاه – العمود الفقري لقرار السوق

الاتجاه ليس مجرد خط صاعد أو هابط، بل هو سلسلة مترابطة من القرارات البشرية والمؤسسية التي تتجسد على شكل موجات. فهم الاتجاه يتطلب الإجابة على أسئلة محورية: ما الذي يغذيه؟ ومتى يبدأ في فقدان زخمه؟

  • الاتجاه الرئيسي (الخارجي): يمثل الحركة العامة والمهيمنة للسوق، ويجب على المتداول عدم القتال ضده أبداً.
  • الاتجاه الثانوي (الداخلي): يمثل الموجات الفرعية التي تحدث داخل الاتجاه الرئيسي، وهي ضرورية لـ إعادة ترتيب السيولة و”تنفس” السوق.
  • الاتجاه المؤقت (المناطق الانتقالية): يمثل اللحظات الحاسمة التي ينتقل فيها السوق من سيطرة المشترين إلى البائعين أو العكس.

مفتاح التداول الناجح هو معرفة من يقود السوق: هل هي المؤسسات الكبرى أم سيولة التجزئة الاندفاعية؟

ثانياً: الموجات – النبض الذي يكشف النوايا

السوق لا يتحرك أبداً في خط مستقيم؛ إنه يتنفس ويرتفع وينخفض، وكل حركة أو “موجة” تحمل وراءها نية خفية.

  • الموجة الخارجية (الدافعة): تشكل الحركة الكبرى التي تحدد الاتجاه الأساسي.
  • الموجة الداخلية (التصحيحية/الارتدادية): تمثل الحركات الفرعية داخل الموجة الأم، وهي ضرورية لتجميع القوة قبل استكمال الحركة.

قراءة الموجة تتطلب تحديد دقيق لمناطقها الأربعة: منطقة البداية (حيث انطلقت الحركة)، منطقة الذروة (أقصى قوة وصلت إليها)، منطقة الاستنزاف (بدء فقدان الزخم)، وأخيراً منطقة التصحيح (الاستراحة). تذكر أن الموجة الحقيقية ليست ما تراه على الرسم البياني، بل ما تخفيه من نوايا تحت السطح.

ثالثاً: نطاقات التصحيح – إعادة توزيع القوة المخفية

لا يمكن لأي حركة سعرية أن تستمر دون تصحيح. السؤال الجوهري هو: هل هذا التصحيح علامة ضعف، أم مجرد استراحة محسوبة لاستكمال الاتجاه؟

تساعد مستويات فيبوناتشي في تحديد نطاقات التصحيح، بدءاً من التصحيح السطحي (23.6%) الذي يشير إلى قوة هائلة، مروراً بالتصحيح الطبيعي (38.2%) الذي يمثل إعادة ترتيب للمراكز، وصولاً إلى التصحيح الخطير (61.8% وما فوق) الذي قد ينذر ببدء انعكاس كامل للاتجاه. قراءة التصحيح تعتمد على تحديد من يسيطر على السيولة، وهل الحركة مجرد خروج مؤقت للمتداولين أم توزيع مراكز من قبل المؤسسات.

رابعاً: المناطق الانتقالية – المساحة الرمادية للمناورات

المناطق الانتقالية هي اللحظات التي يتوقف فيها السوق عن الحركة المباشرة لإعادة ترتيب أوراقه. إنها المساحة الرمادية التي تحدث فيها أهم المناورات:

  • مناطق التحضير/إعادة التوزيع: حيث يتم بناء المراكز استعداداً لحركة كبيرة قادمة، أو توزيع السيولة بين المشترين والبائعين.
  • مناطق السيولة المخفية/المصيدة: حيث تختبئ أوامر المؤسسات الكبرى، وفي بعض الأحيان يتم جذب المتداولين باتجاه معين قبل حدوث انعكاس مفاجئ.

يمكن التعرف على هذه المناطق من خلال ضعف واضح في الزخم، تداخل الموجات، وظهور ذيول شموع طويلة، أو انحراف المؤشرات، أو حتى صمت مريب في حجم التداول.

خلاصة: عقل المتداول الموضوعي

يتطلب فن قراءة السوق عقلاً موضوعياً ومحترفاً. المتداول الناجح لا يدخل السوق بـ “أمل” أو “توقع”، بل يقرأ ويحلل ويقرر بلا تحيز شخصي.

لبناء منطقك الموضوعي:

  1. اعتمد على الحقائق الماثلة أمامك وليس على التكهنات.
  2. ادرس الماضي، لكن لا تجعله مقدساً لحاضرك.
  3. اسأل نفسك باستمرار: من المستفيد الأكبر من هذه الحركة السعرية؟
  4. ابحث عن النقاط التي يتصرف فيها السوق بلا منطق واضح؛ فغالباً ما تكون تلك هي المصيدة.

في الختام، قراءة حركة السعر هي عملية ترجمة للعلاقات المعقدة بين الاتجاهات والموجات، وفهم لهذه الدورة المستمرة من التجميع والتوزيع. إنها مهارة تُكتسب بالخبرة والموضوعية، وليست مجرد تطبيق آلي للأدوات.

[adsforwp id="60211"]
[adsforwp id="60211"]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى