تحديات الحوكمة العالمية في عصر الذكاء الاصطناعي: الحاجة الماسة والتدابير المستقبلية
مع استمرار تقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل متسارع، تزداد الحاجة الملحة إلى قواعد ومعايير دولية تحكم تطويرها ونشرها، والسؤال هنا هو ليس ما إذا كان ينبغي لنا أن نحظى بحوكمة دولية للذكاء الاصطناعي، بل كيف يمكننا أن نضمن أنها عالمية وشاملة حقاً.
اقرأ أيضا: هل ستهيمن خطة الذكاء الاصطناعي لشركة آبل على OpenAI؟
المشهد الحالي لحوكمة الذكاء الاصطناعي
لقد أصبحت الأطر التي تشكل مستقبل التطور التكنولوجي اعتباراً من أكتوبر 2023، مدفوعة في المقام الأول من قبل عدد قليل من الشركات الرئيسية.
حيث تقود الولايات المتحدة الطريق في الأغلب من خلال شركات التكنولوجيا العملاقة، والصين من خلال المبادرات التي تقودها حكومتها، والاتحاد الأوروبي من خلال قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي.
وعلى الرغم أن هذه المبادرات ضرورية، إلا أنها لا تمثل النطاق الكامل لوجهات النظر، والاهتمامات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
من جهة أخرى، فقد تطرقت قمة مجموعة العشرين الهندية الأخيرة، إلى البنية التحتية العامة الرقمية، لكن المناقشات العالمية الأوسع حول إدارة الذكاء الاصطناعي غائبة بشكل ملحوظ.
وهذا يثير مخاوف بشأن ما إذا كان مشهد حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمي، قد أصبح تحت سيطرة حفنة من الدول، مما قد يؤدي إلى تهميش مصالح ووجهات نظر الآخرين.
اتباع نهج عالمي لتشكيل قواعد ومعايير الذكاء الاصطناعي
يمكن القول بأن هناك ثلاثة أسباب مقنعة، تؤكد الحاجة إلى نهج عالمي أوسع لتشكيل قواعد ومعايير الذكاء الاصطناعي:
1- معالجة التفاوتات الاقتصادية
تظهر الأدلة التاريخية أن القرارات السياسية المتعلقة بالتكنولوجيا، يمكن أن تحدد من يستفيد منها، حيث يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على توسيع الفجوات الاقتصادية بين البلدان، إذا لم يتم تصميمه مع وضع العدالة في الاعتبار.
كما وتتمتع البلدان التي تشارك بنشاط في صياغة قواعد ومعايير الذكاء الاصطناعي، بميزة تنافسية في مواءمتها مع مصالحها، ومن الممكن أن يساعد النهج العالمي في منع المزيد من ترسيخ التفاوتات الاقتصادية.
2- ضمان الشراء العالمي
لكي تكون الحوكمة الدولية للذكاء الاصطناعي فعّالة، يجب أن تحظى بتأييد عالمي واسع النطاق. وفي غياب الإجماع على القواعد والمعايير، هناك خطر يتمثل في عدم التزام بعض البلدان بها، مما قد يؤدي إلى السباق نحو القاع، أو “قومية الذكاء الاصطناعي”.
وقد ينطوي هذا السباق على تطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي دون رادع، مما قد يشكل مخاطر على الأمن والاستقرار الدوليين. بالإضافة إلى ذلك، قد تفوت البلدان الفرص لتشكيل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وفقاً لمعاييرها المجتمعية، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات التبني في المناطق المستبعدة.
3- تعزيز النظام الدولي
يواجه العالم حالياً تحديات كبيرة، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية والانتقادات الموجهة إلى المؤسسات الدولية القائمة، حيث يمثل تصميم الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي فرصة لتعزيز التعددية، فهو يوفر فرصة لإثبات فعالية التعاون الدولي في مواجهة التحديات العالمية، وتعزيز الثقة بين الدول، وتعزيز شرعية النظام الدولي.
اغتنام فرصة الحوكمة العالمية الشاملة
وبينما نقف عند هذا المنعطف الحاسم في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي، فمن الضروري أن نصمم هياكل الحوكمة العالمية بوعي، والتي من شأنها أن تعزز الرخاء المشترك والتطوير التكنولوجي المسؤول.
حيث تمتد هذه المسؤولية إلى جميع الدول، بغض النظر عن حجمها أو تقدمها التكنولوجي، وكما هو الحال مع الحاجة الملحة إلى معالجة أزمة المناخ، لا توجد أجندة أكثر إلحاحاً من تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وشاملة.
اقرأ أيضا: خبراء يحذرون من وضع الذكاء الاصطناعي في أيدي الشركات التقنية العملاقة
الطريق إلى الأمام: إشراك جميع أصحاب المصلحة
من الأهمية بمكان إشراك مجموعة متنوعة من البلدان وأصحاب المصلحة، لضمان أن تكون حوكمة الذكاء الاصطناعي عالمية حقاً، ولا يشمل ذلك القوى التكنولوجية في العالم فحسب، بل أيضاً الدول ذات المستويات المتفاوتة من التطور التكنولوجي. وفيما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز الشمولية في حوكمة الذكاء الاصطناعي:
- إنشاء منتديات دولية شاملة.
- تعزيز تبادل المعرفة.
- إعطاء الأولوية للاعتبارات الأخلاقية.
- احتضان التعددية.