البيتكوين على مفترق طرق: صراع “الحيتان القديمة” و”الأموال الجديدة”

انطلق نقاش حاد في أروقة الكريبتو بعد أن فقد سعر البيتكوين مستوى 110,000 دولار الحاسم، ما أثار موجة من القلق بين المستثمرين. رغم تداول السعر بالقرب من قاع سابق عند 107.3 ألف دولار، إلا أن وضع السوق ليس بسيطاً كما يظن البعض؛ فالخطر الحقيقي لم يلوح بعد، لكننا نشهد لحظة مفصلية تتطلب التعمق في أسباب هذا الضعف.
معركة المصالح: بيع الأرباح وتلاشي الطلب
ما نراه اليوم هو الفصل الأخير في دورة الصعود الحالية، يتمثل في صراع بين طرفين رئيسيين:
المستثمرون القدامى (الحيتان): هؤلاء هم من اشتروا البيتكوين بأسعار منخفضة جداً، وهم الآن يجنون أرباحهم. وتظهر البيانات أنهم باعوا ما قيمته 3.4 مليون بيتكوين من الأرباح المحققة. هذا الرقم يتجاوز مستويات البيع التي شوهدت في الدورات الصاعدة السابقة، مما يشير بقوة إلى أننا نقترب من نهاية هذه الدورة.
الطلب المؤسسي (صناديق ETF): مثلت صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) القوة الدافعة التي امتصت بيع الحيتان وحافظت على استمرار الصعود. لكن المشكلة الحالية تكمن في أن هذا التوازن أصبح “هشاً”. مع تسارع بيع الحيتان، تباطأت تدفقات الأموال إلى صناديق ETF بشكل كبير، خاصة بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، حيث كادت التدفقات اليومية أن تتلاشى. هذا المزيج من ضغط البيع المتزايد وتضاؤل الطلب المؤسسي هو ما أدى إلى الضعف الأخير في سعر البيتكوين.
نقاط القوة والضعف في هيكل السوق
على الرغم من هذا الصراع الضاغط، يظل الهيكل العام للسوق صامداً، وهناك إشارات قوة لا يمكن تجاهلها:
هيكل صامد: لم ينهار الهيكل الفني العام للسوق. لا يزال السعر يحترم مناطق الدعم الرئيسية، كما أن الانخفاض الحالي من القمة (حوالي 8%) يعد طفيفاً جداً مقارنة بالتصحيحات العميقة (تصل إلى 60%) التي ميزت الدورات السابقة، مما يدل على نضج السوق.
مستوى دفاع حاسم: يمثل متوسط تكلفة الشراء للمستثمرين على المدى القصير (STH) عند حوالي $111 ألف خط دفاع نفسياً وفنياً. إذا تمكن السوق من استعادة هذا المستوى بسرعة، فإن الأمل في تشكيل قاع وتجنب تصحيح أعمق يظل قائماً.
في المقابل، تعكس أسواق المشتقات المالية سيطرة الخوف على نفسية المتداولين المحترفين:
تنظيف الرافعة المالية: حدث انخفاض حاد في المراكز المفتوحة للعقود الآجلة، مما يعني تصفية المتداولين الذين استخدموا رافعة مالية عالية. هذا “التنظيف” مؤلم على المدى القصير، لكنه صحي للسوق لأنه يزيل “الزخم الزائد” ويعيد التوازن.
تحوط دفاعي: ارتفع الطلب بشكل كبير على خيارات البيع (Puts)، وهي أدوات تستخدم للتحوط والحماية من انخفاض الأسعار، مما يشير إلى تشاؤم أو رغبة قوية في التحصن ضد المزيد من الهبوط.
الخلاصة والخطوة التالية
الوضع الحالي للبيتكوين يمكن وصفه بأنه #حاسم. نحن في مرحلة إرهاق واضحة بعد موجة صعود قوية. المستثمرون القدامى جنوا أرباحهم، والآن يقع القرار في ملعب المؤسسات.
إذا استمر ضعف تدفقات صناديق ETF، فلن يكون هناك قوة كافية لامتصاص ضغط البيع، وقد نشهد تصحيحاً أعمق للبحث عن مشترين عند مستويات سعرية أقل.
أما إذا عادت شهية المؤسسات بقوة، وتمكنت من امتصاص عمليات البيع، فمن المرجح أن يتشكل قاع هنا، ويستعد السوق لموجة صاعدة جديدة قد تكون الأخيرة في هذه الدورة.
العامل الحاسم للمراقبة: بيانات تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) هي التي ستقرر مصير السوق في الأسابيع القادمة. فالسوق على المحك، وهيكله صامد ولكنه منهك.