ما هي عملية الدمج في منصة الإيثيريوم (ETHEREUM MERGE)

لوحظ في الآونة الأخيرة كثرة التساؤلات والحديث عن واحدة من أبرز المشكلات التي تتعرض لها منصة الإيثيريوم وهي مشكلة قابلية التوسع، هذا بدوره أدى إلى ظهور العديد من منافسي المنصة والذين يوفرون قابلية توسّع أفضل ومعاملات أسرع ورسوم طاقة أقل. ومع ذلك، ظهر العديد من حلول التوسّع من أجل مواجهة مشكلات قابلية التوسّع التي واجهتها منصة الإيثيريوم، مثل السلاسل الفرعية وقنوات الحالة وPlasma وعمليات الدمج.

سنتحدث في هذا المقال عن عمليات الدمج، وأنواعها وكيف تساعد على مواجهة مشكلات التوسّع التي تواجه منصة الإيثيريوم.

ما المقصود بعمليات الدمج؟

عمليات الدمج هي حلول من الطبقة الثانية تعمل على تجميع المعاملات وتقديم المعاملة النهائية المجمعة كمعاملة واحدة إلى السلسلة الرئيسية. تعمل عمليات الدمج على تقليل تكلفة المعاملات على منصة الإيثيريوم، كما يتم توزيع تكلفة دمج مجموعات العمليات على المستخدمين المشاركين. تعمل عمليات الدمج أيضاً على زيادة سرعة المعاملات، لأن البلوكتشين يجب أن تعالج في النهاية معاملة واحدة بدلاً من معاملة فردية فضلاً عن مجموعة كبيرة من المعاملات. يؤدي ذلك إلى تقليل الضغط على بلوكتشين الإيثيريوم، وخصوصاً في الوقت الحالي، لأن منصة الإيثيريوم قادة على معالجة 15 إلى 30 معاملة في الثانية فقط.  ووفقاً للشريك المؤسس لمنصة الإيثيريوم Vitalik Buterin، فإن حلول التوسّع مثل عمليات الدمج تلعب دوراً رئيسياً على منصة الإيثيريوم، وستظل تؤدي ذلك الدور حتى بعدما تُكمل منصة الإيثيريوم سلسلة ترقياتها. (استخدمت مؤسسة الإيثيريوم الرمز 2.0 كإشارة لانتقال الشبكة إلى استخدام آلية إثبات الحصة والاعتماد على سلاسل التجزئة).

تتطلب الطريقة الجديدة لطلب معاملات الإيثيريوم على الشبكة إلى موارد ومصادر جديدة, تعتمد القيمة السوقية لشركة إيثيريوم البالغة 415.3 مليار دولار على مدى سير عملية الدمج بسلاسة، وكذلك الأمر بالنسبة لآلاف الشركات التي تعمل على البلوكتشين، بالإضافة إلى ملايين المستخدمين.

وقد تم حجز حوالي 121.5 مليار دولار من رأس المال في تطبيقات التمويل اللامركزي (DeFi) من إيثيريوم، وفقًا لمتتبع دأب رادار، تستخدم معظم لوحات NFT– ايثيريوم التي تبلغ قيمتها الإجمالية بالمليارات أيضًا.

يقول تشيس ديفينز، المحلل لدى الباحث ميساري:

“لم يحدث أبدًا، في تاريخ شبكات البلوكتشين، تغيير في حجم انتقال إيثيريوم من إثبات العمل إلى إثبات الحصة.

سيكون الدمج بمثابة مخاطرة لأنه من المحتمل أن تسوء الأمور كثيرًا، قد تكون هناك أخطاء برمجية أو عمليات اختراق، أو يمكن للمعدنين إنشاء شبكة إيثريوم بديلة.

خلال ترقية الشبكة لعام 2020، قسم خطأ ايثيريوم إلى قسمين، مما أدى إلى إحداث فوضى في نظام المال اللامركزي DeFi الداعم الناشئ، والتطبيقات التي تتيح للأفراد التداول والاقتراض والإقراض دون وسطاء مثل البنوك.

ومن المتوقع أن توقف معظم عمليات تبادل العملات المشفرة المركزية عمليات سحب وإيداع إيثر حول عملية الدمج كإجراء احترازي، وقد تتوقف تطبيقات DeFi مؤقتًا أيضًا إذا حدث خطأ ما.

وتقول كاتي تالاتي، مديرة الأبحاث في شركة آركا لإدارة الأصول الرقمية:

“مع كل الترقيات التقنية لجميع هذه السلاسل الكبيرة، علينا توخي الحذر, في نهاية الأمر نحن نتعامل مع تكنولوجيا غير معروفة.”

يسبب المعدنون بعض المخاوف فمن المتوقع أن يغادر الكثير منهم الشبكة بعد إقرار خاصية الدمج، بحثًا عن المال مقابل بيع آلاتهم، وهذا قد يؤدي إلى انخفاض حاد في قوة التعدين في الشبكة أو ما نقصد به (قوة التجزئة)، وذلك سينعكس سلبًا على قوة امان الإيثيريوم وهذه في حد ذاتها كارثة.

وبالطبع يخطط مطورو الإيثيريوم الرئيسيون لهذا السيناريو، ويقول تيم بيكو، عالم الكمبيوتر من مطوري الإيثريوم الرئيسيين:

“إذا رأينا انخفاض معدل التجزئة، فيمكننا دفع عملية الدمج إلى الأمام”.

 ما المقصود بحلول التوسّع لمنصة الإيثيريوم؟

قبل أن نتحدث عن عمليات الدمج، يجب أن نتعرف على حلول التوسّع لمنصة الإيثيريوم. الهدف الأساسي لحلول التوسّع هذه هو زيادة قابلية توسّع منصة الإيثيريوم، وسرعات المعاملات والإنتاجية دون المساس بأمان بلوكتشين الإيثيريوم أو طبيعتها اللامركزية. يمكن تقسيم حلول التوسّع لطبقة الإيثيريوم إلى فئتين هما حلول التوسّع من الطبقة الأولى أو الحلول المتوفرة على السلسلة، وحلول التوسّع من الطبقة الثانية أو الحلول المتوفرة خارج السلسلة.

 يوجد اختلاف بين الحلول المتوفرة على السلسلة والتي تتوفر خارجها من حيث خطوات تنفيذها. تعمل حلول الطبقة الأولى على تغيير الطبقة الأساسية للبلوكتشين الأساسية من أجل زيادة وقابلية توسّعها. ولهذا تتم الإشارة إلى تلك الحلول على أنها حلول على السلسلة. ومن ناحية أخرى، يتم تنفيذ حلول الطبقة الثانية خارج البلوكتشين الأساسية، مع زيادة التركيز على قابلية التوسّع وسرعات المعاملة وتقليل التركيز على اللامركزية والأمان. سنركز في مقالتنا هذه على موضوع الدمج وهو أحد حلول التوسّع من الطبقة الثانية. توجد أمثلة أخرى على حلول التوسّع خارج السلسلة ومنها السلاسل الفرعية وPlasma وقنوات الحالة.

 ما طريقة عمل عمليات الدمج؟

توجد حلول أخرى من الطبقة الثانية مثل قنوات الحالة وهي حلول تؤمّنها منصة الإيثيريوم بالكامل بمعايير الأمان التي توفرها. ومع ذلك، فإنها تتناسب مع مجموعة معينة من التطبيقات فقط. تتوافق حلول أخرى مثل السلاسل الفرعية مع الآلة الظاهرية لمنصة الإيثيريوم، وهي قادرة على التوسّع ولكنها لا تعتمد على الإيثيريوم لأسباب تتعلق بالأمان، وبدلاً من ذلك فإنها تستخدم آلية إجماع خاصة بها. تحاول عمليات الدمج تحقيق توازن وإنشاء حل ذي هدف عام مع الحفاظ على أمان شبكة الإيثيريوم. إذاً، كيف تعمل عمليات الدمج هذه؟

 تعمل عمليات الدمج كما يوحي اسمها على تجمع عدة معاملات يتم تنفيذها خارج السلسلة في معاملة واحدة ثم إعادتها إلى السلسلة الرئيسية. يمكن أن تتكون كل تجميعة من آلاف المعاملات التي يتم تنفيذها خارج السلسلة، وهذا يؤدي بدرجة كبيرة إلى تقليل أحجام المعاملة على السلسلة الرئيسية. يؤدي ذلك بدرجة كبيرة إلى تسريع المعاملة وتقليل تكلفتها مع توفير القدر نفسه من الأمان مثلما يتوفر على السلسلة الرئيسية لمنصة الإيثيريوم. يمكن أن توفر عمليات التجميع المستوى نفسه من الأمان لأنها مرتبطة بالسلسلة الرئيسية.

 سنتحدث عن نوعين من عمليات التجميع: عمليات الدمج التفاؤلية وعمليات الدمج التي لا تعتمد على المعرفة. سنتحدث عن عمليات الدمج التفاؤلية أولاً:

 عمليات الدمج التفاؤلية

 تعمل عمليات الدمج التفاؤلية اعتماداً على فكرة أن كل المعاملات في التجميعة صحيحة بشكل افتراضي، ولا يوجد مستخدم يحاول خداع البلوكتشين عن طريق إرسال بيانات معاملة خاطئة ضِمن عمليات التجميع. ونتيجة لذلك، لا تنشئ تلك العمليات إثباتات للصلاحية لكل المعاملات. الفكرة وراء ذلك هي أنه بافتراض أن كل المعاملات صحيحة، يمكن إكمال المعاملات بدرجة أسرع. وبالمقارنة بالمعاملات التي تتضمن خداعاً، فإن عمليات الدمج التفاؤلية تتيح للمستخدمين إمكانية اكتشاف المعاملات الاحتيالية وذلك من خلال “إثباتات على الاحتيال”.

وإذا تم التحقق من وجود معاملات احتيالية، يتم إرسالها مباشرة إلى منصة الإيثيريوم للتحقق مما إذا كانت صالحة أو احتيالية بالفعل. ونظراً لأن كلا الطرفين يمتلكان عملات الإيثر (ETH)، فإنهما معرضان لخسارة أموالهما إذا ثبت أن المعاملة احتيالية أو إذا أجابوا بإجابات كاذبة عند الاستفسار عن المعاملة. تتضمن عمليات الدمج التفاؤلية بعض الميزات والعيوب. سنتحدث عنهما فيما يلي:

{ الميزات }

● تتوافق عمليات الدمج التفاؤلية مع كلٍ من لغة البرمجة Solidity والآلة الظاهرية لمنصة الإيثيريوم.

● يتم حفظ كل بيانات المعاملة على السلسلة الرئيسية، مما يؤكد على أمانها ولامركزيتها.

 { العيوب }

● للحذر من العمليات الاحتيالية، يجب على المستخدمين الانتظار لمدة زمنية معينة من أجل تنفيذ المعاملات على السلسلة.

 عمليات الدمج التي لا تعتمد على المعرفة

 النوع الآخر من عمليات الدمج هو ما لا يحتاج إلى المعرفة، وتعمل تلك العمليات بالاعتماد على شيء يُسمى “إثبات لا يعتمد على المعرفة”، وهذا يتيح للمستخدمين الحصول على إثبات رياضي على صحة عبارة معينة. تعالج عمليات الدمج معاملات خارج السلسلة، وتنشئ ما يُطلق عليه اسم “وسيطة معرفة مختصرة وغير تفاعلية (SNARK) أو “وسيطة معرفة مختصرة ذات شفافية (STARK). تعمل هذه الوسائط كإثباتات للصلاحية، وهذا يشير إلى أن صحة المعاملات. يمكن لعمليات التجميع باستخدام هذا النظام تجاوز نظام حل النزاع الذي تستخدمه عمليات الدمج التفاؤلية. سنتحدث الآن عن الميزات والعيوب في عمليات الدمج التي لا تعتمد على المعرفة.

{ الميزات }

● توفر عمليات الدمج التي لا تعتمد على المعرفة معاملات أسرع بكثير نظراً للتحقق الفوري من الحالة، كما يتم إرسالها إلى بلوكتشين الإيثيريوم.

● كما توفر عمليات الدمج التي لا تحتاج إلى المعرفة مستويات عالية من الأمان لأن أي بيانات مطلوبة لاستعادة الحالة تكون متوفرة على السلسلة الرئيسية لمنصة الإيثيريوم.

{ العيوب }

● بعض عمليات الدمج التي لا تعتمد على المعرفة لا يوفر دعماً للآلة الظاهرية لمنصة الإيثيريوم (EVM).

 مشروعات تستخدم عمليات الدمج

سنلقي نظرة سريعة على المشروعات التي تستخدم عمليات الدمج التفاؤلية وعمليات الدمج التي لا تحتاج إلى المعرفة على الترتيب.

 عمليات الدمج التفاؤلية

● Optimism: هو نظام من الطبقة الثانية مصمم للعمل على منصة الإيثيريوم.

● Arbitrum: هو بروتوكول من الطبقة الثانية مصمم للعمل على منصة الإيثيريوم.

● Boba Network: هو الترقية القادمة من منصة OMG.

 عمليات الدمج التي لا تحتاج إلى المعرفة

● Loopring: يتميز بروتوكول Loopring بأنه مفتوح المصدر ويُستخدم للتداول دون الاعتماد على أمناء حفظ.

● Immutable X: يمثلImmutable X بروتوكولاً من الطبقة الثانية ويعمل على منصة الإيثيريوم وهو مصمم للتعال مع الرموز غير القابلة للاستبدال.

● ZKsync: يعمل حل ZKsync بالاعتماد على تقنية عمليات الدمج التي لا تحتاج إلى المعرفة وهو بروتوكول لا يحتاج إلى الثقة المتبادلة ويتميز بانخفاض التكاليف على منصة الإيثيريوم.

توقعات مستقبلية قريبة لدمج الإيثيريوم

وفي العامين القادمين، من المحتمل أن تزيد كمية إيثر المستخدمة للتجميد (Staking) من 8٪ إلى 80٪، وفقًا لمقدم خدمات التجميد، وسيؤدي ذلك إلى تقليل الإثير المتداول، مما قد يؤدي إلى ارتفاع قيمته.

كما سيتمكن المجمدين(stakers) من استخدام الأثير الذي يتلقونه كمكافآت لطلب المعاملات، ولكن ليس الإثير الذي يحتفظون به، ومتوقع أن يحدث هذا لمدة ستة أشهر أو نحو ذلك بعد الدمج.

يقول كايل ساماني، الشريك المؤسس لشركة مالتي كوين كابيتال- Multicoin Capital:

إنه من المرجح أن يحتفظ المضاربون بالإيثر على المدى الطويل مقارنة بالمعدنيين، الذين يحتاجون غالبًا إلى بيع بعضها لتغطية تكاليف الكهرباء والطاقة.

بعد الدمج، سوف ينخفض استهلاك الطاقة لشبكة إيثيريوم بأكثر من 99٪، ولطلب المعاملات على آلية إثبات الحصة الجديدة، يمكن للمدقق استخدام كمبيوتر محمول متطور بدلاً من الخوادم المتعددة.

ومن المتوقع أن يستهلك دليل إثبات الحصة للإيثيريوم بالكامل حوالي 2.62 ميغاوات – أي ما يعادل بلدة صغيرة بها 2100 منزل أمريكي، وعلى النقيض من ذلك، فإن الإعداد الحالي لإثبات العمل يستهلك طاقة دولة متوسطة الحجم.

يقول بين إيديجينتون، مالك المنتج في  consenSys، التي بنت البنية التحتية لسلسلة بلوك تشين الإيثيريوم:

إنه يتوقع أن تحرير مجتمع الإيثيريوم من سلبيات آلية إثبات العمل ستساعد في جعل تطبيقات إيثيريوم مثل تطبيقات نظام المال اللامركزي Defi و لوحات NFT لديها قبول اجتماعي كبير، لذا إذا قمنا بعمل جيد لن يشعر المستخدمون باللحظة التي نتحول فيها إلى آلية إثبات الحصة.