أصبحت التكنولوجيا الذكية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي متاحة للجميع ويمكن الوصول إليها بسهولة من قبل الرجال والنساء على حد سواء.
ومع ذلك، تشير دراسة نشرتها موقع بي بي سي (BBC) إلى أن النساء يشكلن فقط 24% من القوى العاملة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة في المملكة المتحدة.
ونتيجة لذلك، قد يشعر النساء بثقة أقل في استخدام التكنولوجيا، بما في ذلك أدوات الذكاء الاصطناعي.
وتوجد عدة تفسيرات لتردد النساء في استخدام الذكاء الاصطناعي وفقًا للدراسة.
فعلى سبيل المثال، يفضل النساء عادة الحصول على مستوى عالٍ من الكفاءة في أي مجال قبل التفكير في استخدامه، بينما يكون الرجال سعداء بالانخراط في الأشياء دون الحاجة إلى مستوى عالٍ من الكفاءة.
بالإضافة إلى ذلك، تخشى النساء من النظرة السلبية التي قد يلقيها الآخرون عليهن بسبب استخدامهن للذكاء الاصطناعي، حيث يُعتبر ذلك دليلاً على عدم كفاءتهن أو قدراتهن المحدودة، وبالتالي يلجأن إلى برامج الذكاء الاصطناعي بترددهن.
وعندما يتعلق الأمر بتطبيق “شات جي بي تي“، فإن شعبيته قد ارتفعت منذ إطلاقه ولكن يبدو أن النساء يترددن في استخدامه بالمقارنة مع الرجال.
ففي حين يستخدم 54٪ من الرجال الذكاء الاصطناعي في حياتهم الشخصية أو المهنية، ينخفض هذا الرقم إلى 35٪ فقط بين النساء وفقًا لاستطلاع سابق.
وبهذا الخصوص، تعلق ميشيل ليفارس، مدربة أعمال مقيمة في لندن، على هذا الأمر قائلة: “أنا لا أستخدم الذكاء الاصطناعي في الكتابة أو العمل، لأنني أرغب في الحفاظ على صوتي وشخصيتي”.
من جهتها، تروج هايلي بايسترام، مؤسِّسة وكالة متخصصة في الخدمات الاجتماعية للتعارف والزواج، للفكرة بأن “المكان الذي يمكننا فيه استخدام شات جي بي تي هو في إنشاء ملفات أعضائنا المصممة بعناية، وهذا يستغرق ووقتًا طويلاً يصل إلى نصف يوم”.
ومع ذلك، بالنسبة لها، فإن استخدام هذه التقنية سيؤدي إلى فقدان روح العمل وتجربة شعور بالغش، لذا فإنها تفضل الاستمرار في القيام بالأمور بالطريقة التقليدية والتعقيدية.
هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الموظفات؟
تحذر دراسة حديثة من معهد ماكنزي العالمي من أن التقدم الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى استبدال المزيد من الموظفات بصورة غير متكافئة مقارنة بالموظفين الذكور، وخاصة في الصناعات التقليدية التي يعمل فيها النساء.
ووفقًا للدراسة، من المتوقع أن تحدث حوالي 12 مليون تغيير وظيفي في الولايات المتحدة وحدها بحلول عام 2030 نتيجة للاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
حيث أن النساء يواجهن خطرًا أكبر بمعدل مرة ونصف من الرجال في التحول إلى وظائف جديدة نتيجة للذكاء الاصطناعي، خاصة في الوظائف التي يعتمد عليها النساء مثل الدعم الإداري وخدمة العملاء.
ويشار إلى أن الطلب على المهارات الرقمية من المتوقع أن يزيد بنسبة أكثر من 50٪ بحلول عام 2025، مما يعني أن مستقبل سوق العمل سيتطلب تحسين المهارات وتبني أدوار جديدة تمامًا.
وتعتبر المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي أحد المهارات الرقمية المطلوبة بشدة في الوقت الحاضر.
بالنسبة للنساء، هناك مبادرات تدريبية مثل “سوبرمامز” و “إيه آي فورس” التي تجمع بين التدريب والذكاء الاصطناعي.
وتقدم “سوبرمامز” بنية تحتية تعليمية لدعم النساء وتوفير التحفيز والمساندة، في حين يقدم مارك جود، مؤسس “إيه آي فورس”، التدريب الأساسي في مجال الذكاء الاصطناعي للاستفادة القصوى من أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة مثل شات جي بي تي.
المساواة بين المرأة والرجل
في السياق العالمي، تشير الدراسات إلى وجود اختلافات في المساواة بين الجنسين، حيث يتلقى النساء رواتب أقل ويحتلن وظائف تنفيذية أقل بالإضافة إلى مشاركتهن المحدودة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ووفقًا لتقرير صادر عن اليونسكو في عام 2019، فإن النساء يشغلن فقط 29% من وظائف البحث والتطوير في مجال العلوم عالميًا، وتكون فرصهن للاستفادة من التكنولوجيا الرقمية في الاستخدامات الأساسية أقل بنسبة 25% مقارنة بالرجال.
مع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي وتطوره، يُطرح الآن سؤال حاسم: كيف سيتشكل سوق العمل المستقبلي للنساء؟ هل سيتمكننا من الاستفادة الفعالة من قوة الذكاء الاصطناعي لتقليص فجوات المساواة بين الجنسين، أم سنسمح لهذه الفجوات بالاستمرار أو حتى التوسع؟
ويتم دراسة آثار استخدام الذكاء الاصطناعي على حياة العمل للنساء من خلال التعاون بين اليونسكو، بنك التنمية للبلدان الأميركية (IDB)، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
ويتم متابعة مراحل حياة القوى العاملة عن كثب، بدءًا من متطلبات الوظيفة والتوظيف، وصولاً إلى التقدم الوظيفي وتطوير المهارات داخل محيط العمل.
ويعد هذا التعاون المشترك إطارًا شاملاً لمناقشة قضايا الجنس والذكاء الاصطناعي، مع الطموح في تعزيز الحوارات الهامة حول مساواة المرأة في سوق العمل.