كيف يمكن أن يؤثر تعدين الذهب والعملات المشفرة على البيئة؟

ظهر مؤخراً الكثير من الجدل حول أوجه التشابه والاختلاف المحتملة بين الذهب والبيتكوين، والتي تعني ضمناً العملات المشفرة الأخرى، وقد شمل هذا الجدل الحديث عن التأثيرات البيئية النسبية، وعلى وجه التحديد، انبعاث الكربون نتيجة التعدين.

الذهب والعملات المشفرة ببساطة مختلفة تماماً كأصول، وبالمثل، تختلف التأثيرات الاجتماعية والبيئية للذهب والعملات المشفرة اختلاف كبير، وإن لم يكن ذلك بدون بعض أوجه التشابه السطحية.

على مستوى واحد، يبدو أن المقارنة بين البصمات الكربونية النسبية للذهب والعملات المشفرة لها ما يبررها لأن انبعاثات كلاهما مرتبطة في المقام الأول بالكهرباء المستخدمة في إنتاجها.

وفي الواقع، إذا قارنا تعدين الذهب الصناعي على نطاق واسع وشبكات العملات المشفرة الرئيسية، يبدو أن هناك حالياً تشابهاً وثيقاً في حجم استهلاك الكهرباء والانبعاثات المرتبطة به.

وتشير بعض الحسابات، إلى أن الذهب والعملات المشفرة تشترك حالياً في ملف انبعاثات مشابه إلى حد كبير، مع إجمالي انبعاثات يتراوح بين 60 و 70 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

إن التعتيم والتقلب الشديد في مساحة التشفير تجعل أي “لقطة” إرشادية تحدي إحصائي ومن المحتمل أن تتغير في غضون أيام.

وهناك سبب آخر يجعل هذه المقارنة إشكالية هو أن البيانات الخاصة بمدخلات وانبعاثات العملة المشفرة محدودة وغير مكتملة، وبالتالي تتطلب التقديرات الكثير من الافتراضات.

ومن ناحية أخرى، حقق قطاع تعدين الذهب تقدماً كبيراً في عمليات الكشف المتعلقة بالمناخ، وبالتالي هناك إمكانية لإنتاج تقديرات مفصلة للانبعاثات القطاعية لتعدين الذهب.

وأيضاً يمكن تحديد كيف سيبدو المسار المحتمل للذهب إلى “صافي صفر” الكربون في الممارسة العملية، وكيف يمكن لتحركات محددة لمصادر الطاقة المتجددة في مواقع المناجم، مدعومة بإنتاج أقل من مناجم ذات انبعاثات أعلى، أن تساهم في إزالة الكربون المتوافقة مع أهداف اتفاقية باريس.

ولسوء الحظ، لا يوجد مثل هذا المسار المحدد بوضوح لقطاع العملات المشفرة أو بدلاً من ذلك، لا يوجد اتفاق واضح حول ما إذا كان هذا المسار سيكون المسار الذي تختار الصناعة اتباعه.

ومع ذلك، تجدر الإشارة هنا إلى أن تعدين الذهب والعملات المشفرة سيستفيد بلا شك من التخفيضات المتوقعة في كثافة انبعاثات طاقة الشبكة، ونظراً لأن عدداً قليلاً من عمليات العملة المشفرة هي المسؤولة عن توليد الطاقة الخاصة بها، فإنها تعتمد كلياً على تطور الكهرباء من مصادر الشبكة وقدرتها على التحول إلى مصادر متجددة.

لكن هذه التبعية قد تكون أيضاً نقطة ضعف رئيسية في العملات المشفرة، حيث إن “سلبية” الصناعة في مواجهة تغير المناخ غير كافية للسماح للمراقبين أو أصحاب المصلحة بأي ثقة في قدرتها أو التزامها بالتحول.

وعلى الرغم من أن معدني العملات الرقمية كانوا مستخدمين مهمين للطاقة المتجددة، فليس من الواضح ما إذا كان هذا قد عكس ببساطة السعي التكتيكي للحصول على أرخص كهرباء من مصادر الطاقة المحلية الفائضة.

ويبدو أن هذا هو الحال بالتأكيد في الصين، حيث كانت الطاقة المائية في كثير من الأحيان المصدر السائد للكهرباء ولكن غالباً بسبب مزايا التكلفة الموسمية، بدلاً من كونها دليل على أي التزام استراتيجي لإزالة الكربون من الطاقة.

وفي هذا السياق، بذل تعدين الذهب جهداً واضحاً لمعالجة هذه القضايا، والالتزام بمكافحة تغير المناخ، ومع ذلك، لم يُظهر قطاع العملات المشفرة أي اتجاه في مثل هذه القيادة القطاعية أو توافق الصناعة، وهذا يمثل تحدي كبير لأي محاولات صناعية متضافرة للتحرك نحو ممارسات صديقة للبيئة، ويبدو أن الطبيعة اللامركزية “غير المرخصة” لأعمال تعدين العملات المشفرة تشكل حجر عثرة كبير أمام التقدم.

ولاشك أن تعدين الذهب له مجموعة من التأثيرات البيئية أيضاً، والعديد منها كبير ومدمّر، لكن الصناعة قطعت أشواط كبيرة في السعي للتخفيف منها من خلال الالتزام بالممارسات والمعايير المسؤولة والمستدامة.

ويمكن أن تكون التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية الإيجابية الأوسع لسلسلة توريد الذهب، المباشرة وغير المباشرة، كبيرة جداً، حيث تمس حياة الملايين، بعيداً عن منجم الذهب أو أولئك المحظوظين بما يكفي لامتلاك الذهب.

والسؤال الرئيسي الآخر للمستثمرين الذين يفكرون في تأثيرات الاستدامة لممتلكاتهم هو مسألة الاستخدام المناسب للموارد مع وضع أغراض محددة أو تأثيرات مفيدة في الاعتبار.

وهنا تكمن مشكلة كبيرة في العملات المشفرة، ففائدتها لم تظهر بعد، والادعاءات بأن العملات المشفرة تمثل نظام نقدي جديد أو بديل، في أحسن الأحوال، سابقة لأوانها.

وفي حين أن عالم العملات الرقمية وأنظمة الدفع غير الاحتكاكية يتطور بسرعة، فإن دور العملات المشفرة، على الأقل في شكلها السائد، في هذه التطورات لا يزال غير مؤكد.