توجه الدول العربية إلى عالم الكريبتو: بين التنظيم والتحول الرقمي
شهدت السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا في تعامل الدول العربية مع العملات الرقمية، حيث انتقلت من الحذر إلى تبني استراتيجيات واضحة لدمج هذه الأصول في أنظمتها المالية. يُعزى هذا التوجه إلى عوامل اقتصادية وتكنولوجية وسياسية، مع تركيز خاص على تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات.
في هذا المقال، نستعرض أبرز ملامح هذا التحول، والتحديات التي تواجهه، وآفاق المستقبل.
الريادة الخليجية في تبني الكريبتو
تتصدر دول الخليج العربي المشهد العربي في تبني العملات الرقمية، مدعومة ببنية تحتية تكنولوجية متطورة وتشريعات مرنة. وفقًا لتقارير متعددة، تحتل الإمارات المركز الأول عربيًا وعالميًا بنسبة 25.3% من سكانها يمتلكون عملات رقمية، متقدمة على دول مثل الولايات المتحدة وفيتنام . ويعود ذلك إلى:
1. الإطار التنظيمي: إطلاق “منطقة حرة” للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، واعتماد عملة رقمية وطنية (AE coin) تحت إشراف البنك المركزي الإماراتي .
2. جذب الاستثمارات: منح تراخيص لمنصات عالمية مثل بينانس، ما عزز ثقة المستثمرين وحوّل الإمارات إلى مركز إقليمي للتداول .
3. النمو السريع: حققت الإمارات نموًا بنسبة 210% في تداول العملات الرقمية بحلول 2025، بينما سجلت السعودية نموًا بنسبة 154% .
أما البحرين، فقد أطلقت مشاريع رائدة مثل بورصة “كوين مينا” المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، ومنحت تراخيص لشركات التشفير، مما يعكس سعيها لتعزيز مكانتها كوجهة للابتكار المالي .
السعودية وخطواتها الحذرة نحو التبني
رغم التحفظات الأولية، تشهد المملكة العربية السعودية تقدمًا ملحوظًا، حيث يمتلك 15% من سكانها عملات رقمية، وفقًا لتقرير “Triple-A” . وتأتي هذه الخطوات في إطار رؤية 2030، التي تهدف إلى:
– تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
– تطوير البنية التحتية للتكنولوجيا المالية.
– التعاون مع الإمارات لاستكشاف إمكانية اعتماد العملات المشفرة في المعاملات الرسمية .
الدول العربية الأخرى: بين التبني والتحديات
– مصر والمغرب: تشهدان نموًا تدريجيًا في الاهتمام بالعملات الرقمية، خاصة بين الشباب الباحثين عن بدائل استثمارية في ظل التضخم وتقلبات العملات المحلية .
– العراق ولبنان: تواجهان تحديات كبيرة بسبب الأزمات الاقتصادية، لكن هناك توجهًا غير رسمي لاستخدام الكريبتو كوسيلة للتحوط من انهيار العملات الوطنية.
– الكويت وعُمان: تتبنيان موقفًا تحذيريًا، مع إصدار تحذيرات دورية من مخاطر التداول غير المنظم .
مستقبل الكريبتو في العالم العربي
تشير التوقعات إلى:
– زيادة التبني المؤسسي: مع إطلاق صناديق استثمارية مرتبطة بالبيتكوين، مثل تلك التي أقرتها الولايات المتحدة.
– التكامل مع الأنظمة التقليدية: كاستخدام العملات الرقمية في تحويلات المغتربين أو الدفع للخدمات الحكومية .
– تعزيز التعاون الإقليمي: كمشروع العملة الرقمية الخليجية المشتركة الذي تُدرس إمكانية إطلاقه .
