تكنولوجيا

تعرف على التكنولوجيات الرئيسية التي تقف وراء عالم الميتافيرس

ظهرت فكرة الميتافيرس في إحدى روايات الكاتب نيل ستيفنسون في عام 1992، حيث صورت رواية الخيال العلمي Snow Crash عالماً إلكترونياً يمكن للأشخاص فيه استخدام صوراً رمزية رقمية (أفاتار) للاستكشاف وللهروب من العالم الواقعي. وبعد مرور عقود، بدأت كبرى شركات التكنولوجيا بناء نسخها الخاصة من الميتافيرس المستقبلي.

IMG 20240407 174834 704

فما هو الميتافيرس وكيف تتعامل معه كبرى الشركات على الصعيد التكنولوجي؟

اقرأ أيضاً: 4 من أشهر مشاريع سلاسل البلوكتشين والعملات الرقمية في الميتافيرس

ما هو الميتافيرس؟

الميتافيرس

الميتافيرس هو عالم رقمي افتراضي ثلاثي الأبعاد يتضمن أرضاً وأشياءً افتراضية. تخيل عالماً يمكنك فيه العمل عن بعد، أو زيارة متاحف افتراضية لمشاهدة أحدث الأعمال الفنية، أو الانضمام إلى جمهور فرقة عزف موسيقى الروك التي تحبها في حفل افتراضي، كل هذا دون أن تغادر منزلك.

قامت مشروعات مثل أكسي إنفينتي و ساندبوكس و ديسنترالاند بدمج جوانب محددة من عالم الميتافيرس لإدخال العديد من عناصر حياتنا إلى العوالم الإلكترونية. غير أن الميتافيرس لا يزال قيد التطوير، فلا أحد يعلم ما إذا سيصبح لدينا ميتافيرس واحد كبير يشمل كل شيء أم العديد من عوالم الميتافيرس التي يمكنك أن تسافر فيها. 

ومع استمرار الفكرة في التطور، من المتوقع أن تمتد إلى ما هو أكثر من ألعاب الفيديو ومنصات التواصل الاجتماعي. ولا يمثل العمل عن بعد والحوكمة اللامركزية والهوية الرقمية سوى بعض الخصائص المحتملة التي يمكن للميتافيرس دعمها. ويمكن أن يصبح كذلك متعدد الأبعاد أكثر من خلال توصيل سماعات الرأس ونظارات الواقع الافتراضي، حتى يتسنى للمستخدمين التجول في الأنحاء بأجسادهم لاستكشاف العوالم ثلاثية الأبعاد.

اقرأ أيضاً: ما أهمية التدريب والتعليم لمحترفي الكريبتو؟

أحدث تطورات الميتافيرس

بعد أن غيرت شركة فيسبوك اسمها إلى ميتا في شهر أكتوبر من عام 2021، أصبح مصطلح الميتافيرس هو الكلمة الشائعة المفضلة الجديدة. ولتوفير ما تحتاج إليه عملية تغيير العلامة التجارية، خصص عملاق التواصل الاجتماعي الكثير من الموارد لقسم جديد يُطلق عليه مختبرات الواقع (Reality Labs) الذي أنفق ما يقرب من 10 مليار دولار في عام 2021. وتتمثل الفكرة في تطوير محتوى وبرمجيات الميتافيرس وكذلك الواقع المُعزز وسماعات رأس الواقع الافتراضي، حيث يؤمن الرئيس التنفيذي للشركة مارك زوكربيرج أن هذه التقنيات ستكون منتشرة بنفس معدل انتشار الهواتف الذكية في المستقبل.

ساعدت جائحة كوفيد-19 في زيادة وتيرة الاهتمام بتطوير الميتافيرس، حيث تزايد الطلب على طرق أكثر تفاعلاً للتواصل مع الآخرين مع تحول المزيد من الأشخاص للعمل عن بعد. وازداد عدد الفضاءات ثلاثية الأبعاد التي تتيح لزملاء العمل حضور الاجتماعات والتواصل والتعاون سوياً. وتعد منصة Microsoft Mesh التي أُطلقت في نوفمبر 2021 مثالاً على هذا، حيث تتضمن مساحات هائلة للمستخدمين للاندماج والتعاون باستخدام صورهم الرمزية، مما يجعل اجتماعات الفريق عن بعد أكثر متعة وتفاعلاً.

تبنت بعض الألعاب الإلكترونية عالم الميتافيرس كذلك وكانت لعبة الواقع المُعزز على الهواتف المحمولة Pokémon Go من بين أول الألعاب التي تستفيد من هذه الفكرة من خلال السماح للاعبين بمطاردة شخصيات Pokémon الافتراضية في العالم الواقعي باستخدام تطبيق على الهواتف المحمولة. كما قامت Fortnite، واحدة من الألعاب الشهيرة أيضاً، بزيادة منتجاتها إلى أنشطة مختلفة داخل العالم الرقمي، لتشمل استضافة فعاليات وحفلات شهيرة. 

وبعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو، أتاحت شركات التكنولوجيا مثل نفيديا فرصاً جديدة في العالم الافتراضي. فمنصة Nvidia Omniverse منصة مفتوحة صُممت لربط العوالم ثلاثية الأبعاد في فضاء مشترك لتسهيل التعاون الافتراضي بين المهندسين والمصممين والمبتكرين. وتُستخدم هذه المنصة حالياً عبر العديد من الصناعات المختلفة، على سبيل المثال، تستخدم مجموعة BMW منصة Omniverse لتقليل وقت الإنتاج وتحسين جودة المنتجات من خلال التصنيع الذكي.

التكنولوجيات الرئيسية التي تقف وراء عالم الميتافيرس

لإضفاء المزيد من الإثارة والواقعية على تجربة الميتافيرس، تستخدم الشركات أحدث التكنولوجيات مثل سلاسل البلوكتشين والواقع المُعزز والواقع الافتراضي وإعادة البناء ثلاثي الأبعاد والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتشغيل العالم ثلاثي الأبعاد.

سلاسل البلوكتشين والعملات الرقمية

سلاسل البلوكتشين

تقدم تكنولوجيا سلاسل البلوكتشين حلاً لامركزياً يتميز بالشفافية لإثبات الملكية الرقمي، والاقتناء الرقمي، ونقل القيمة، والحوكمة، وإمكانية الوصول، والتوافق التشغيلي. وتتيح العملات الرقمية للمستخدمين نقل القيمة أثناء العمل والتواصل الاجتماعي في العالم الرقمي ثلاثي الأبعاد. على سبيل المثال، يمكن استخدام العملات الرقمية لشراء أراضي افتراضية في لعبة ديسنترالاند. ويمكن للاعبين شراء قطع أراضي مساحتها 16×16 متراً في هيئة رموز غير قابلة للتبادل باستخدام MANA العملة الرقمية الخاصة باللعبة. وبدعم من تكنولوجيا سلسلة البلوكتشين، يمكن إثبات وتأمين ملكية هذه الأراضي الافتراضية.

وفي المستقبل، يمكن للعملات الرقمية تحفيز الأشخاص للعمل في الميتافيرس، فمع اتجاه المزيد من الشركات للتحول إلى العمل عن بعد، فربما نشهد ظهور وظائف جديدة مرتبطة بعالم الميتافيرس.

الواقع المُعزز والواقع الافتراضي

الواقع المُعزز والواقع الافتراضي

يمكن أن يوفر لنا الواقع المُعزز والواقع الافتراضي تجربة ثلاثية الأبعاد غامرة ومثيرة، حيث إنهما بوابة الدخول إلى العالم الافتراضي. لكن ما الفارق بين الواقع المُعزز والواقع الافتراضي؟

يستخدم الواقع المُعزز العناصر البصرية الرقمية والشخصيات لتشكيل العالم الحقيقي، ويمكن الوصول إليه بسهولة أكثر من الواقع الافتراضي ويمكن استخدامه على أي هاتف ذكي أو جهاز رقمي يحتوي على كاميرا. ومن خلال تطبيقات الواقع المُعزز، يمكن للمستخدمين مشاهدة البيئة المحيطة بهم باستخدام مؤثرات بصرية رقمية تفاعلية، أي أنه يشبه ما رأيناه في لعبة Pokémon GO على الهواتف المحمولة. وعندما يفتح اللاعبون الكاميرا على هواتفهم، يمكنهم رؤية شخصيات Pokémon في العالم الواقعي.

أما الواقع الافتراضي فيعمل بشكل مختلف. فعلى غرار فكرة الميتافيرس إلى حد كبير، فإن الواقع الافتراضي يخلق بيئة افتراضية تماماً باستخدام الكمبيوتر، ويمكن للمستخدمين استكشاف هذه البيئة باستخدام سماعات رأس الواقع الافتراضي والقفازات وأجهزة الاستشعار.

وتوضح الطريقة التي يعمل بها الواقع المُعزز والواقع الافتراضي نموذجاً مبكراً من الميتافيرس، حيث يخلق الواقع الافتراضي بالفعل عالماً رقمياً يدمج المحتوى البصري الخيالي. ومع تطور تكنولوجيا الواقع الافتراضي، يمكن أن تساعد على توسيع نطاق تجربة الميتافيرس بحيث تتضمن محاكاة مادية باستخدام معدات الواقع الافتراضي. وسيتمكن المستخدمون من الشعور بتواجد أشخاص من أجزاء مختلفة من العالم وسماعهم والتفاعل معهم. ونظراً للدعاية الهائلة المحيطة بالميتافيرس، يمكننا توقع استثمار المزيد من شركات الميتافيرس في تطوير معدات الواقع المُعزز والواقع الافتراضي في المستقبل القريب.

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

شهدت السنوات الأخيرة تطبيق الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في حياتنا، على سبيل المثال التخطيط لاستراتيجيات الشركات، وعمليات صنع القرارات، وتقنية التعرف على الوجه، والحوسبة السريعة وغيرها الكثير. ومؤخراً، درس خبراء الذكاء الاصطناعي احتمالات تطبيق الذكاء الاصطناعي في بناء عوالم الميتافيرس. 

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانات معالجة الكثير من البيانات بسرعة هائلة. ويمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي، جنباً إلى جنب مع تقنيات تعلم الآلة التعلم من التطورات السابقة مع دراسة البيانات القديمة لابتكار مخرجات وأفكار فريدة. 

وداخل عالم الميتافيرس، يمكن تطبيق الذكاء الاصطناعي على الشخصيات التي لا يتحكم بها اللاعبون في سيناريوهات مختلفة. توجد الشخصيات التي لا يتحكم بها اللاعبون في كل لعبة تقريباً، وتكون جزءاً من بيئة الألعاب مصممة للتفاعل والاستجابة لما يفعله اللاعبون. ومع ما يتمتع به الذكاء الاصطناعي من قدرات معالجة، يمكن وضع هذه الشخصيات في مختلف العوالم ثلاثية الأبعاد لتسهيل محادثات تشبه المحادثات الواقعية مع المستخدمين أو لتنفيذ مهام محددة أخرى. وعلى عكس المستخدم البشري يمكن لشخصيات الذكاء الاصطناعي التي لا يتحكم بها اللاعبون العمل وحدها وأن يستخدمها ملايين اللاعبين في الوقت نفسه، كما أنها يمكن أن تعمل بعدة لغات مختلفة.

ثمة تطبيق محتمل آخر للذكاء الاصطناعي وهو إنشاء الصور الرمزية (أفاتار) في الميتافيرس. فيمكن الاستعانة بمحركات الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور ثنائية أو ثلاثية الأبعاد لإنتاج صور رمزية تبدو أكثر واقعية ودقة. ولجعل هذه العملية ديناميكية أكثر يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً لإنشاء تعبيرات وجه مختلفة وكذلك تصفيفات للشعر وملابس وسمات مختلفة لتحسين الشخصيات البشرية الرقمية التي نقوم بإنشائها.

إعادة البناء ثلاثي الأبعاد

إعادة البناء ثلاثي الأبعاد

في حين أن تكنولوجيا إعادة البناء ثلاثي الأبعاد ليست جديدة، فقد شهد استخدامها زيادة ملحوظة أثناء الجائحة، لا سيما في صناعة العقارات حيث إن حالة الإغلاق الشامل في بعض الدول منعت المشترين المحتملين من زيارة العقارات لمعاينتها بأنفسهم. ومن ثمّ اتجهت بعض المؤسسات إلى استخدام تكنولوجيا إعادة البناء ثلاثي الأبعاد لتصميم زيارات افتراضية للعقارات. وعلى غرار الميتافيرس الذي نتخيله تمكن المشترون من التجول في المنازل الجديدة ومعاينتها من أي مكان وإتمام عمليات الشراء دون الحاجة إلى الذهاب إلى تلك المباني بأنفسهم.

من بين التحديات التي سيواجهها الميتافيرس إنشاء بيئة رقمية تبدو أقرب ما يكون إلى الواقع الحقيقي. لكن بمساعدة تكنولوجيا إعادة البناء ثلاثي الأبعاد، يمكن إنشاء مساحات واقعية ذات شكل طبيعي. وباستخدام الكاميرات ثلاثية الأبعاد، يمكننا نقل عالمنا إلى الفضاء الإلكتروني من خلال إنشاء نماذج دقيقة من الصور الواقعية ثلاثية الأبعاد للمباني والأماكن المادية والأشياء. ثم تُنقل البيانات المكانية ثلاثية الأبعاد والصور عالية الوضوح بدقة عرض 4 كيلو بكسل إلى أجهزة الكمبيوتر لمعالجتها وإنشاء نسخ افتراضية في الميتافيرس من أجل المستخدمين. ويمكن الإشارة إلى هذه النسخ الافتراضية من الأشياء المادية في العالم الحقيقي باسم التوأم الرقمي.

إنترنت الأشياء

إنترنت الأشياء

ظهر مفهوم إنترنت الأشياء لأول مرة عام 1999، وهو ببساطة نظام يأخذ كل شيء في عالمنا المادي ويربطه بالإنترنت من خلال الأجهزة وأجهزة الاستشعار. وبعد الربط بالإنترنت سيكون لدى هذه الأجهزة رقم تعريفي فريد والقدرة على إرسال أو استقبال المعلومات بشكل تلقائي. واليوم يربط إنترنت الأشياء بين أجهزة تنظيم الحرارة ومكبرات الصوت التي تعمل بالصوت والأجهزة الطبية وغيرها وبين مجموعة هائلة من البيانات.

ويتمثل أحد تطبيقات إنترنت الأشياء في عالم الميتافيرس في جمع وتوفير البيانات من العالم الواقعي، وهذا من شأنه أن يزيد من مستوى دقة التمثيل الرقمي. على سبيل المثال يمكن أن تغير بيانات إنترنت الأشياء الطريقة التي تعمل بها أشياء معينة في عالم الميتافيرس بناء على حالة الطقس الحالية أو غيرها من الظروف. 

تطبيق إنترنت الأشياء يمكن أن يساعد على الربط بسلاسة بين العالم ثلاثي الأبعاد وبين عدد كبير من الأجهزة في العالم الحقيقي، وهذا من شأنه أن يتيح إنشاء عمليات محاكاة في الوقت الفعلي في عالم الميتافيرس. ولتحسين بيئة الميتافيرس أكثر يمكن أن يستخدم إنترنت الأشياء الذكاء الاصطناعي وتقنيات تعلم الآلة لإدارة البيانات التي يقوم بجمعها.

تحديات يواجهها الميتافيرس

لا يزال الميتافيرس في مرحلة مبكرة من التطوير، وتتضمن بعض التحديات التي يواجهها توثيق الهوية والتحكم في الخصوصية. في العالم الواقعي غالباً ما يكون تحديد هوية الأفراد ليس بالأمر الصعب، لكن مع انتقال الأشخاص إلى العالم الرقمي باستخدام صورهم الرمزية، سيكون من الصعب التحقق من هوية الأشخاص أو التعرف عليهم. على سبيل المثال يمكن أن يدخل أصحاب النوايا الخبيثة أو البوتات إلى الميتافيرس منتحلين شخصية شخص آخر، وربما يستخدموا هذا لتدمير سمعتهم أو الاحتيال على المستخدمين الآخرين.

يتمثل التحدي الآخر في الخصوصية، فعالم الميتافيرس يعتمد على الواقع المُعزز وأجهزة الواقع الافتراضي لتقديم تجربة غامرة، وهذه التكنولوجيا التي تعتمد على إمكانات الكاميرا والمُعرّفات الفريدة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى عمليات تسريب غير مرغوب فيها للمعلومات الشخصية.

 

Add a subheading 970 × 150

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى