الصين تعزز الرقابة على صناديق الاستثمار الأجنبية
قررت الصين في خضم المشهد المالي المضطرب، إحكام قبضتها على مناورات رأس المال خارج حدودها، مع التركيز بشكل خاص على صناديق الاستثمار الخارجية.
حيث تأتي هذه الخطوة الإستراتيجية، كإجراء مضاد للانكماش المستمر في السوق، والذي ترك المستثمرين والمنظمين، يتدافعون لتحقيق الاستقرار.
اقرأ أيضاً: الصين تكشف عن مساعيها لتصبح رائدة قطاع الميتافيرس في العالم
الصين تبحر عبر مياه التحكم في رؤوس الأموال
لاتقوم الهيئات الرقابية المالية في الصين، بإصدار الأوامر فحسب، بل إنها تغوص عميقاً في آليات الصناديق، التي تغازل الأوراق المالية الأجنبية، وتضع قيوداً على تدفق رأس المال إلى الخارج، الذي بدا وكأنه ينزلق من بين أصابعها.
فهو ليس حظراً شاملاً ولكنه توقف استراتيجي، حيث قام حوالي ثلث هذه الصناديق المنتشرة حول العالم، بوضع علامة عذراً، نحن مغلقون للمستثمرين الأفراد، بهدف حماية مصالح هؤلاء المستثمرين وضمان سلاسة المعاملات.
معضلة الحصص والتموج التنظيمي
لم يكن من الممكن إنكار جاذبية الأسواق الأجنبية، حيث يتدفق مستثمرو التجزئة على هذه الصناديق، مما أدى إلى سيناريو يتجاوز فيه الطلب، على الحصص التي حددتها الحكومة للاستثمارات الخارجية.
ويبدو الأمر كما لو أن الجميع حضروا للحفلة، لكن المكان لا يتسع إلا لعدد قليل جداً.
حيث كشفت السجلات العامة حقيقة أن جزءًا كبيراً من صناديق QDII هذه، بما في ذلك تلك التي يديرها عمالقة مثل JPMorgan Asset Management وManulife Investment Management، إما أوقفت المبيعات الجديدة، أو وضعت حداً لها.
لكن الحبكة تشتد عندما يمتد السرد إلى ما هو أبعد من تعليق الأموال، حيث سلطت بورصة شنغهاي (التي استلمت عصا التنظيم من الهيئات التنظيمية) الضوء على التداول غير الطبيعي، في ساحة صناديق الاستثمار.
وخاصة صناديق الاستثمار المتداولة، التي كانت تعكس ارتفاعات وانخفاضات مؤشرات مثل MSCI USA 50، وNasdaq 100، وNikkei 225 الياباني.
ويمكن القول بأنها ليست مجرد صفعة، بل هي حملة قمع شاملة، تهدف إلى ضمان عدم تحول رقصة العرض والطلب، إلى حفرة من التقلبات.
الجدير بالذكر أن قيود الصين الصارمة على حصص QDII، كانت سبباً في تأجيج نيران المنافسة بين المستثمرين، الذين يتطلعون إلى قطعة من الكعكة الدولية، الأمر الذي أدى إلى تقييم بعض صناديق الاستثمار المتداولة وكأنها قطع أثرية نادرة، أكثر من كونها أدوات مالية.
ومع ارتفاع سقف حصص بكين عن مكانها منذ عام 2021، فقد وصل التعطش لهذه الاستثمارات الخارجية، إلى ما قد يسميه البعض مستويات جنونية.
اقرأ أيضاً: سعر البيتكوين يتعرض لضربة قوية.. ما دور إعادة تشغيل سوق الأسهم الصينية؟
أخيراً ومع إسدال الستار على هذا الفصل من الدراما المالية، تكشف التحركات الجريئة التي اتخذتها الصين، لتشديد القيود على صناديق الاستثمار الخارجية، عن سرد غني بالتدخلات الاستراتيجية والبصيرة التنظيمية، والعين الثاقبة على استقرار السوق المحلية.
ولا شك أن التأثيرات المتموجة المترتبة على هذه القرارات، سوف تعمل على تشكيل ملامح المشهد المالي في الصين، وتنسج قصة من المرونة والتنظيم، والسعي الحثيث إلى تحقيق التوازن الاقتصادي.