أخبار العملات الرقمية

الذهب لا يمكن التحقق منه”.. هل كشف “CZ” نقطة ضعف الذهب الحقيقية في جداله الأخير مع بيتر شيف؟

لطالما كان الجدال بين الذهب والبيتكوين هو “النقاش الأبدي” في عالم المال الحديث. يمثل هذا الجدال صراعاً بين “مخزن القيمة” الأقدم في التاريخ وبين “الذهب الرقمي” الذي يمثل العصر الجديد.

في هذا الصراع، هناك بطلان رئيسيان: بيتر شيف (Peter Schiff)، الخبير الاقتصادي وأحد أكبر المدافعين عن الذهب، الذي يصف البيتكوين بأنه “فقاعة” و”أصل للمضاربة بلا قيمة جوهرية”. وعلى الجانب الآخر، تشانغ بينغ تشاو (CZ)، مؤسس منصة بينانس وأحد عمالقة صناعة العملات الرقمية.

مؤخراً، أطلق “CZ” تغريدة بسيطة لكنها كانت بمثابة قنبلة، حيث قال: “الذهب لا يمكن التحقق منه (أو من الصعب التحقق منه)، يا بيتر شيف.”

هذه العبارة البسيطة لم تكن مجرد سخرية عابرة، بل هي استهداف دقيق لما يعتقد “CZ” أنه “نقطة الضعف القاتلة” للذهب في القرن الحادي والعشرين.

سياق التغريدة: لغز “فورت نوكس”

لم تأتِ تغريدة “CZ” من فراغ. بل جاءت رداً على نقاش أثاره أحد المستخدمين حول “فورت نوكس” (Fort Knox)، وهو المستودع شديد الحراسة الذي يُفترض أنه يحتفظ بالجزء الأكبر من احتياطيات الذهب الأمريكية (التي تقدر بآلاف الأطنان).

أشار المستخدمون إلى أن آخر تدقيق كامل وشامل لاحتياطيات فورت نوكس حدث منذ عقود (في الخمسينيات من القرن الماضي). هذا الغموض المستمر حول الكمية الحقيقية وجودة الذهب الموجود في أحد أهم معاقل الذهب في العالم، هو بالضبط ما بنى عليه “CZ” هجومه.

نقطة الضعف الحقيقية: “التحقق” مقابل “الثقة”

جوهر حجة “CZ” يكمن في التمييز بين نظامين مختلفين تماماً:

1. نظام الذهب: قائم على “الثقة” (Trust-Based) عندما تشتري الذهب، وخاصة بكميات كبيرة أو كاستثمار (مثل صناديق ETF الخاصة بالذهب)، فأنت لا تمتلك الذهب المادي في يدك. أنت تمتلك شهادة أو إيصالاً يقول إنك تمتلكه.

  • التحقق مستحيل تقريباً: لا يمكنك كفرد الذهاب إلى “فورت نوكس” أو خزائن بنك “جيه بي مورجان” وتطلب عدّ وفحص سبائك الذهب الخاصة بك أو الخاصة بالدولة.
  • الاعتماد على طرف ثالث: أنت مجبر على “الثقة” بالبنك المركزي، أو الحكومة، أو الشركة التي تدير الصندوق، أو المدققين الذين يقدمون تقاريرهم (بشكل غير منتظم).
  • العملية بطيئة ومكلفة: حتى عمليات التدقيق الاحترافية باهظة الثمن، وتستغرق وقتاً طويلاً، ونتائجها ليست متاحة للجمهور بشكل فوري.

2. نظام البيتكوين: قائم على “التحقق” (Verification-Based) هنا يكمن الاختلاف الجذري الذي أبرزه “CZ”. البيتكوين مبني على البلوكتشين (Blockchain)، وهو “سجل حسابات عام” (Public Ledger) مفتوح للجميع.

  • التحقق فوري ومتاح للجميع: يمكن لأي شخص في العالم، في أي وقت، تشغيل “عقدة” (Node) على حاسوبه الشخصي والتحقق من شيئين:
    1. الكمية الإجمالية للبيتكوين (21 مليون عملة فقط).
    2. صحة كل معاملة حدثت منذ بداية الشبكة.
  • لا يتطلب الثقة (Trustless): أنت لست بحاجة إلى “الثقة” في “CZ” أو أي بنك أو أي حكومة. أنت “تثق في الكود” (Trust in Code) وقوة شبكة الرياضيات التي يمكن لأي شخص مراجعتها والتحقق منها.

ماذا عن “الذهب المُرمَّز” (Tokenized Gold)؟

بيتر شيف، في محاولة منه لمواكبة العصر، أعلن عن خطط لإطلاق “ذهب مُرمَّز” (أي ذهب يتم تمثيله على البلوكتشين). لكن “CZ” سارع بالرد على هذه النقطة أيضاً، موضحاً أنها لا تحل المشكلة الأساسية.

أوضح “CZ” أن الذهب المُرمَّز هو مجرد “إيصال رقمي” (Digital IOU) للذهب المادي. بالنهاية، أنت لا تزال مضطراً “للثقة” بالجهة الخارجية التي تدّعي أنها تحتفظ بالذهب الفعلي في خزينتها. إذا أفلست هذه الجهة، أو كذبت بشأن احتياطياتها، فإن الرمز الرقمي الذي تملكه يصبح بلا قيمة. هذا يعيدنا إلى نفس مشكلة “الثقة” الأساسية.

الخلاصة: هل كشف “CZ” الحقيقة؟

لم يقلل “CZ” من قيمة الذهب التاريخية كمخزن للقيمة. لكنه سلط الضوء على حقيقة أن قيمة الذهب في النظام المالي الحديث تعتمد بشكل شبه كامل على “الثقة” في المؤسسات والحكومات – وهي نفس المؤسسات التي يفقد الكثير من الناس الثقة بها.

في المقابل، قدمت البيتكوين نموذجاً ثورياً: أصل يمكن لأي شخص التحقق منه بنفسه، في أي وقت، دون الحاجة إلى إذن أو ثقة من أي سلطة مركزية.

في عصر يتزايد فيه الطلب على الشفافية واللامركزية، فإن عبارة “الذهب لا يمكن التحقق منه” قد لا تكون مجرد سخرية في جدال على تويتر، بل قد تكون بالفعل نقطة الضعف الحقيقية التي ستحدد مستقبل المنافسة بين الذهب والذهب الرقمي.

[adsforwp id="60211"]
[adsforwp id="60211"]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى