الذكاء الاصطناعي يُحدث ثورة في البحوث الاجتماعية
يشهد قطاع البحوث الاجتماعية تحولاً عميقاً، مع ظهور نماذج لغوية كبيرة للذكاء الاصطناعي.
حيث تعد أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه (المدعومة بنماذج توليدية مثل ChatGPT وGemini) بإحداث ثورة في كيفية فهمنا لأفكار وآراء ودوافع الأفراد والمجتمعات.
ومع القدرة على الانخراط في محادثات شبيهة بالإنسان، وتحليل كميات هائلة من البيانات، فإن الذكاء الاصطناعي مستعد لسد الفجوة، بين أساليب البحث الكمية والنوعية.
اقرأ أيضاً: شركة Cerebras تضع بصمتها بشكل فريد في عالم الذكاء الاصطناعي
دور الذكاء الاصطناعي في البحوث الاجتماعية
لقد تصارعت البحوث الاجتماعية التقليدية منذ فترة طويلة، مع سؤالين أساسيين هما: ماذا ولماذا؟.
فعلى الرغم أن الأساليب الكمية (مثل استطلاعات الرأي)، توفر رؤى حول “ماذا”، فإن فهم “لماذا” غالباً ما يتطلب أساليب نوعية، مثل المقابلات ومجموعات التركيز.
من ناحية أخرى، فقد كانت هذه الأساليب محدودة بسبب طبيعتها، التي تستغرق وقتاً طويلاً وأحجام العينات الصغيرة.
لذلك يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير هذا النموذج، من خلال تقديم حل قابل للتطوير، يجمع بين عمق البحث النوعي، واتساع نطاق التحليل الكمي.
الجدير بالذكر أن دمج الذكاء الاصطناعي في البحوث الاجتماعية، يتجلى في قدرته على إجراء حوارات تفاعلية شبيهة بالمقابلة النوعية.
حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي هذه، توليد الأسئلة بشكل ديناميكي، واستكشاف الدوافع، والتكيّف بناءً على إجابات المشاركين.
كما يسمح هذا النهج، بالحصول على رؤى أعمق حول مواقف الأفراد وسلوكياتهم، ويمكّن الباحثين أيضاً، من التعامل مع مجموعة أكبر وأكثر تنوعاً.
دراسة حالة لتجربة في الولايات المتحدة
تجسد تجربة حديثة أجراها باحثون إسكندنافيون، إمكانات الذكاء الاصطناعي في البحوث الاجتماعية.
حيث استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي، للبحث حول موضوع لماذا لا يستثمر بعض الأمريكيين في سوق الأوراق المالية، وقاموا بإجراء مقابلات مع ما يقارب 400 مشارك.
وأسفرت العملية التي يقودها الذكاء الاصطناعي، والتي تتميز بقدرتها على تطوير الأسئلة بناءً على الحوار وتحليل الإجابات في الوقت الفعلي، عن نتائج مماثلة للمقابلات التقليدية وجهاً لوجه.
كما أبلغت الغالبية العظمى من المشاركين عن تجربة إيجابية، مما سلط الضوء على مقبولية وفعالية منهجيات البحث المعتمدة، على الذكاء الاصطناعي.
في سياق متصل، يوفر استخدام الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الاجتماعية فوائد عديدة، بما في ذلك زيادة الكفاءة وقابلية التوسع وعمق التحليل.
حيث يمكّن الذكاء الاصطناعي، من اكتساب رؤى لم يكن من الممكن تحقيقها في السابق، من خلال أتمتة عملية المقابلة وتحليل كميات كبيرة من البيانات.
وعلى الرغم أنه يجب معالجة المخاوف المتعلقة بالتحيزات في برمجة الذكاء الاصطناعي، وإمكانية الوصول لبعض الفئات السكانية.
إلا أنه على الرغم من هذه التحديات، فإن قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة في أبحاث العلوم الاجتماعية، لا يمكن إنكارها.
اقرأ أيضاً: موقع Reddit أمام لجنة التجارة الفيدرالية والسبب: الذكاء الاصطناعي
أخيراُ، ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في التطور، فإنه يحمل وعداً هائلاً لتحويل البحوث الاجتماعية بطرق غير مسبوقة.
ويمكن القول أنه من خلال الجمع بين نقاط القوة في الأساليب النوعية والكمية، توفر الأساليب المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، حدوداً جديدة لفهم السلوك البشري والديناميكيات المجتمعية.
ورغم أن التحديات لا تزال قائمة، فإن الفوائد المحتملة تفوق المخاطر بكثير، مما يمثل بزوغ فجر عصر جديد في أبحاث العلوم الاجتماعية.